الصيف في قاموس المصممين والأنيقات على حد سواء، يرتبط بالتصميمات المريحة والمنطلقة وبكل ما له علاقة بالأقمشة المنسابة والخفيفة. وليس هناك بالطبع ما هو أكثر انطلاقا وانسيابية وخفة من الفساتين المستوحاة من الثقافة الإغريقية واليونانية القديمة، التي تجمع كل هذه العناصر واكثر.
فهي، تماما كما صورتها الأساطير وأفلام هوليوود، أزياء تخاطب أشخاصا يعرفون كيف يغرفون من متع الحياة، وكيف يستمتعون بأجواء حالمة تغمرها اشعة الشمس نهارا وضوء القمر ليلا، يحملون باليد اليمنى كأس عصير بارد ومنعش، بينما اليد الثانية ترتخي بكسل تحت ثقل أساور الذهب، تماما مثل الصورة التي تتراءى للعين ونحن نفكر في إجازاتنا الصيفية. ولأن الإجازة الممتعة لا تكتمل من دون اناقة، بما تمنحه من ثقة وراحة على وجه الخصوص، فإن الموضة المناسبة في المكان المناسب أمر مطلوب.
وإذا كنت ممن تؤمنين بهذا المبدأ، فإنك ستكتسبين هذا الصيف مظهر أميرة من الأساطير القديمة، وأنت تختالين في تصميم يغوص في الكلاسيكية من حيث فكرته ويتكلم لغة العصر من حيث التفاصيل التي أدخلت على تصميمه وأقمشته وتطريزاته.
مثل الساري الهندي والقفطان المغربي والكيمونو الياباني وما شابهها، كان تصميم فستان السهرة الإغريقي من الكلاسيكيات التي تعود لها الموضة بين الفينة والأخرى، وإن بدت في الآونة الأخيرة، صناعة الموضة، وكأنها متيمة بهذا التصميم أكثر من ذي قبل.
فالعودة إلى القديم بهدف تقديم الجديد أمر ليس بدعة، لأن الموضة ظلت وفية دائما للتاريخ، ولم تستغن يوما عن رموزه وإيحاءاته. ويزيد الإقبال عليها كلما كانت هذه الرموز غنية بالألوان والتطريزات، وكل ما يمكن ان يضفي عليها المزيد من الغنى والتألق. في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، مثلا، عادت مدام مادلين فيونيه، إلى الاسلوب اليوناني، كذلك مدام «غري»، حيث استغلتا قدراتهما الفذة في الخياطة الراقية وقدمتا تصميمات منسابة بتقنية «الدرابيه» لمست وترا حساسا بداخل أية امرأة تتوق لأيام زمان وتشبعت بقصص هيلين أو أفروديت أو بيريسفوني وغيرهن. كما عشقته كل من مارلين ديتريش وغريتا غاربو لما يتيحه من حرية حركة وتحرر من قيود الأزياء الراقية كما كانت عليه في العشرينات، في أيام بول بواريه وأمثاله.
ومنذ ذلك الحين لم يغب هذا التصميم عن ساحة الموضة. وفي كل عقد يعود إلينا بشكل أو بآخر، مرة بتطريزات أو أطوال مختلفة، ومرة بألوان تلعب على التضارب أو نقوشات نافرة ومرة بأقمشة خضعت لتقنيات حديثة وهكذا. وعندما وصلت إلينا منذ بضع سنوات، كانت قد دخلت في سجلات التصميمات الأيقونية، وهذا يعني بالنسبة للمصممين صعوبة أكبر في تجديدها وأنها أصبحت تحتاج إلى الكثير من التحدي والموهبة لاختراق اسرارها، وهي أمور أكدتها مصممات أتقن طياتها وتطريزاتها، من أمثال الإيطالية البرتا فيريتي، الأميركية دونا كاران والإغريقية الأصل صوفيا كوكوسالاكي. ولا يستغرب استعانة دار «فيونيه» بالمصممة الشابة كوكوسالاكي عام 2007 لتعيد للدار التي أغلقت ابوابها عام 1939 أمجادها القديمة، نظرا لاقترابها من اسلوب المؤسسة الراحلة.
في لقاء لها مع مجلة «فوغ» أعلنت خبيرة الأزياء المعروفة، رايتشل زو ان «الموضة التقت بالأسلوب الإغريقي» ولم تكن تحتاج لأن تكمل كلامها وتقول «ووقعت في غرامه»، لأن هذا كان واضحا. لكن ما تناست ان تقوله، من باب التواضع، ان انتعاشه القوي في العقد الأخير لا يعود إلى صناع الموضة أو إلى عشق المرأة إلى المظهر الرومانسي الكلاسيكي فحسب، بل أيضا، وهذا هو المهم، إلى قدرتها كخبيرة ازياء، على تسويقه لنا بذكاء من خلال نجمات شابات لا يستغنين عن خدماتها. رايتشل زو، لمن لا يعرفها، تعتبر من بين اقوى المؤثرات في ساحة الموضة إلى جانب أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ»، وبالتالي فإن اقتراحها هذه التصميمات على زبونات من مثيلات فتاة المجتمع نيكول ريتشي، اضافة الى النجمتين ليندسي لوهان وميشا بارتون وظهور هؤلاء بها بشكل جذاب، كان لا بد ان يفتح شهية المرأة عموما إليها، بما في ذلك نجمات أكثر شهرة مثل جينفر لوبيز وجيسيكا ألبا وكايلي مينوغ، اللواتي ظهرن في أكثر من مناسبة بهذا التصميم. وطبعا لأنه ليس لكل النساء إمكانات هؤلاء الهوليووديات، كان لا بد ان تركب المتاجر الكبيرة الموجة وتطرحها لنا بأسعار متاحة جدا، تغذي رغبتنا في الاقتداء بهؤلاء النجمات، وتشبع جوعنا إليها في الوقت ذاته.
نصيحة رايتشل زو الذهبية، التي يجب ألا نتجاهلها، هي ان هذا الاسلوب يتطلب الكثير من «الذهب والفضة والبريق والإثارة، لكنها إثارة هادئة ومهندسة ومحسوبة» وهذا هو بيت القصيد. فالإثارة والبريق والذهب والفضة، لا تناسب كل الشرائح ولا كل المناسبات. فهذا المظهر قد يبدو رائعا في المساء والسهرة، أو عندما تتبناه امرأة مقبلة على الحياة، لكن رشيقة تتمتع بأذرع مصقولة وبشرة ذهبية تنافس الاكسسوارات الذهبية وتغطي عليها، إلا أن الحذر والحيطة واجبان بالنسبة لذوات المقاييس العادية، إذ من السهل جدا ان ينقلب السحر على الساحر.
صحيح انها، بسخائها وانسيابيتها، يمكن ان تخفي الكثير من العيوب، مثل بروز الكرش وضخامة الأرداف وضمور الصدر أو العكس، فهذا لا يعني انها سحرية وتناسب كل المقاييس، وأخطر ما يمكن ان تفضحه هو أذرع غير مصقولة ومتهدلة إذا كانت بكتف مكشوفة تماما، مع العلم ان البرتا فيريتي ودونا كاران وغيرهما ممن يعرفن احتياجات بنات جنسهن ومعاناتهن، قد طرحن تصميمات بأكمام طويلة اقتصر تلاعبهن على الأسلوب باستعمال تقنية «الدرابيه» أو الطيات الكثير والسخية للتمويه على جزء أو أجزاء من الجسم. حتى تضمني تصميما انيقا، تعرفي اولا الى المصممين الذين يخاطبون مقاييسك أو متخصصين في أزياء تخفي العيوب، مثل المصممة الإيطالية البيرتا فيريتي، التي تميزت دائما بأسلوبها المنساب والحالم، التي تبدو فيه وكأنها تتغذى على الإيحاءات الإغريقية إلى جانب الثقافة الرومانسية ككل.
المشكلة الوحيدة هنا انها لا تخاطب ذوات الإمكانات المحدودة، إذ يقدر فستان بتوقيعها بحوالي 1.600 جنيه استرليني، أي ما يعادل 3200 دولار اميركي، وهو الثمن الذي لا تستطيع كل واحدة منا دفعه. لحسن الحظ فإن محلات «زارا» وغيرها لم تبخل علينا بتصميمات مشابهة، لكن الشرط الوحيد هنا هو اختيارها بسيطة جدا، لأن أي مبالغة يمكن ان تفضح سلبياتها. كذلك الأمر بالنسبة للأساور البراقة، فقد اصبح بالإمكان الآن الاستعاضة عنها بأساور من الخشب أو غيره من المواد العصرية، مع العلم انها تعطي نفس التأثير تقريبا إذا كانت فنية ولافتة، وهو الأمر غير الصعب نظرا للكم الهائل من مصممي المجوهرات الذين يتحفننا كل موسم بالجديد والمغري.
المهم ان تضعي نصب عينيك ان يكون مظهرك بسيطا وهادئا، سواء من حيث اختيارك الاقمشة الخفيفة أو الألوان المحايدة، باستثناء بعض النقوشات الفنية، في حال كانت النية اقتناءه من دار مثل «إيمليو بوتشي» أو «ديسكارد2» وغيرهما ممن طرحوا هذا التصميم بنقوشات تستحضر أجواء الستينات والبحر على يخت راس على البحر المتوسط.
المهم ايضا، عدم الاستغناء عن الأنوثة أو الرومانسية المنسابة بسخاء، بمعنى ألا تكون محددة على جسمك، فتبرز كل أجزائه. لكن ومع هذا، وحتى إذا لم تكن مقاييسك مناسبة على الإطلاق لهذا التصميم، فإنها ليست نهاية العالم، لأنه بإمكانك معانقة كل ما يتعلق بالثقافة اليونانية من خلال الاكسسوارات.
فالمصممون تحسبوا لهذه الهجمة اليونانية وحضروا انفسهم لمواجهتها بقوة أشد، بدءا من جون بول غوتييه، إلى بالنسياجا وجيفنشي وغيرهما. فالسوق يزخر حاليا بالأكسسوارات الرائعة، بدءا من الأحزمة الناعمة والمجدولة على شكل حبال، أو أطواق الرأس، التي تتباين بين التيجان الصغيرة أو الخيوط الذهبية، إلى الصنادل المستوحاة من كل ما ينتمي إلى هذه الحضارة، سواء أحذية العبيد أو الأسياد أو المحاربين. الجميل في كل هذه التصميمات انه يسهل تنسيقها مع بنطلون جينز أو مع تنورة بوهيمية طويلة أو مع فستان سهرة، أي أنها لكل المناسبات والاساليب. وحتى إذا لم تكوني تميلين إلى كل ما ليس له كعب، فهناك تصميم «الويدج» الذي يمكن ان يفي بنفس الغرض.
ماكياجك، هو الآخر، يجب ان يكون خفيفا وطبيعيا وكأنك لم تضعي أي شيء، خصوصا إذا كانت الشمس قد لوحتك بأشعتها الذهبية مع التركيز على إبراز جزء واحد فقط. وطبعا الآن قد خمنت ان ألوان البرونز والذهب هي بغيتك، سواء تعلق الأمر بالبودرة أو بملمع الشفاه أو أحمر الخدود. بالنسبة لشعرك، يفضل ان تتركيه منسدلا مثل فستانك مع تموجات خفيفة.